Home | About LCPS | Contact | Careers

Featured Analysis


ندى مورا, محاضرة في الجامعة اللبنانية وزميلة أقدم في المركز اللبناني للدراسات.


July 2020
يجب أن تعطي سياسة التعافي الأولوية للنمو

بعد مرور أشهر على أزمة مالية غير مسبوقة، صادقت الحكومة اللبنانية على خطة إنقاذ اقتصادية في 30 نيسان، أًدرج فيها أكثر من مائة إجراء. وتضم الخطة عناصر إيجابية، نوقشت في مكان آخر.(1)  وهنا، أودّ أن أسلط الضوء على أن المفتاح للتعافي، وبكل اختصار، هو النمو. لعلّ الاستجابة الأولى والفضلى من ناحية السياسة العامة هي الإسراع في تأمين دعم السيولة من الخارج، ورفع الضوابط المفروضة على رأس المال، وبالتوازي، إعادة هيكلة الدين تدريجياً على مسار مستدام.(2)  ولكن نظراً للمفاوضات المطوّلة مع صندوق النقد الدولي وتزايد حالة عدم الاستقرار، لا بدّ من طرح استجابة ثانية بديلة. كيف يمكن للسياسة العامة أن تعزز الثقة وتحقق التأثيرات الإيجابية لضخ السيولة الخارجية في حال تأخرها أو تبيّن أنها مستحيلة، فيما الضوابط المؤقتة على رأس المال مطلوبة للحد من هروب رأس المال؟ يجب بذل كل جهد ممكن لوضع سلّم بأولويات النمو. في هذه المقالة، أصف كيف يمكن للبنان الاستفادة من سعر صرف مرن لتحقيق هذا الهدف، فيما تُنفّذ في الوقت نفسه سياسات لتحصين الأسر المعيشية والشركات ضد أسوأ عواقب تقلبات أسعار الصرف.
 
لماذ النمو؟
النمو مهم ليس فقط لأنه يسمح بتأمين الوظائف وتحسين المستويات المعيشية، بل أيضًا من أجل القدرة على استدامة الدين العام. وفي أعقاب أزمة الديون السيادية الأوروبية، وحدها أيرلندا نجحت في تخفيض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي من 120٪ في عام 2013 إلى أقل من 60٪ بحلول عام2019  لأنها حققت متوسط نمو سنوي قدره 9.9٪ خلال تلك الفترة مقابل 1.6٪ نمو في اليونان وإيطاليا والبرتغال وإسبانيا.(3)  تعترف الخطة الحكومية وبحق بأن الثقة ستعود بعد تنفيذ الإصلاحات الآيلة إلى تعزيز النمو، حيث يمكن بعد ذلك رفع ضوابط رأس المال تدريجياً اعتبارًا من عام 2021. لكن الحلقة المفقودة هي أن معدلات النمو المستقبلية حتى حسب توقعات الخطة ضعيفة: فالمتوقع نمو (سلبي)%- 4.4  لعام 2021، و1.6٪ لعام 2022، و3٪ فقط في السنوات اللاحقة، كمعدّل متوسط.
 
يرتبط النمو بشكل وثيق بنمو الصادرات، والوصول إلى التمويل يدعم النمو.(4)  والأمثلة كثيرة، مثل الارتفاع السريع في مستويات المعيشة في شرق آسيا بحلول ثمانينيات القرن الماضي؛ وانتعاش القطاع القابل للتداول في المكسيك بعد أزمة عام 1995؛ وزيادة الصادرات الأيرلندية من 84٪ إلى 122٪ من الناتج المحلي الإجمالي في العقد الذي أعقب أزمة عام 2008. توجد إمكانيات كبيرة لنمو قطاع التصدير في لبنان، لا سيما في المجالات التي تتمتع فيها البلاد بميزة نسبية مثل الأغذية الزراعية والتكنولوجيا المتطوّرة.(5)  فبعد الارتفاع الذي سُجّل في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تقلصت صادرات البلاد من السلع والخدمات من 39٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2008 إلى 23٪ بحلول عام 2018. إذن كيف للبنان أن يسرّع النمو؟
 
المرونة في سعر الصرف تساعد في النمو
إحدى الطرق الرئيسية التي تساهم في نمو البلدان بعد مرورها بأزمة مالية هي تعديل السعر النسبي للمنتجات المحلية إلى المنتجات الأجنبية، مما يؤدي إلى نمو الصادرات وانخفاض الواردات. ويحدث هذا التعديل بسبب تراجع قيمة الليرة الذي يؤدي إلى انخفاض نسبي في تكلفة السلع والخدمات اللبنانية (مثل الأغذية الزراعية والسياحة)، مما يشجع الطلب والصادرات وخلق فرص العمل وتدفق الدولار إلى الداخل. في المقابل، يمكن أن يحدث هذا التعديل في ظلّ ثبات العملة، لكنه أبطأ ومؤلم أكثر إذ يستلزم تخفيضات في الأجور الاسمية من أجل خفض تكاليف الإنتاج. إنّ الدروس المستفادة من مقارنة انتعاش الناتج الفردي بعد أزمة مالية في ظل ثلاثة أنظمة مختلفة لأسعار الصرف (ربط العملة الصارم، فك ربط العملة، والمرونة) هي أن ربط العملة الصارم سجّل أسوأ أداء فيما سجّلت المرونة الأداء الأفضل. حافظ ربط العملة الصارم على أسعار صرف ثابتة لمدة عامين على الأقل بعد الأزمة، وانتقلت عملية فك ربط العملة من سعر صرف مربوط إلى سعر صرف مرن. بحلول العام الرابع بعد الأزمة، كان نتاج ربط العملة الصارم أقل بنسبة 4٪ عن مستوى ما قبل الأزمة، فيما كان نتاج فك ربط العملة أعلى بنسبة 3٪ عن مستوى ما قبل الأزمة، لكن أفضل أداء كان لسعر الصرف المرن حيث سجّل الناتج نسبة 8 ٪ فوق مستوى ما قبل الأزمة.(6)
 
يلعب سعر الصرف المرن دور عامل مدمج آلي لإستقرار الاقتصاد حيث يعمل من خلال عملية تعافٍ أساسها التصدير، وحتى بدون أي تدابير عامة أخرى. وللمساعدة في التعافي، أحد التدابير الداعمة هو الحفاظ على التدفق الائتماني الحيوي في شكل خطوط ائتمان أو تمويل تجاري للشركات المنتجة. وهنا يكمن الدور الذي يمكن للحكومة أن تلعبه كما فعلت كوريا الجنوبية، من خلال الضغط على المصارف للحفاظ على خطوطها الائتمانية قصيرة الأجل.(7)
 
تقترح الخطة الاقتصادية التي قدّمتها الحكومة خيارات تمويل جيدة أخرى: الترخيص لمصارف التنمية الجديدة، وتعبئة الأموال العامة كضمان نقدي لاستيراد المواد الخام، والتفاوض على خطوط ائتمان أجنبية مع بنوك التنمية الدولية، بالإضافة إلى دعم الصادرات ومعايير الجودة. وداعم مهم آخر هو أن تعمل الحكومة على تحسين عملية تقديم الخدمات العامة والبنية التحتية بشكل عام. تعود هذه التدابير بالفائدة على جميع الشركات (والأفراد)، حيث أفضل الشركات تستمر وتبتكر فيما يتم إغلاق الشركات غير الفعّالة.(8)
 
 لدى الكثيرين نظرة سلبية عن مرونة أسعار الصرف لأنها تزامنت مع تقلبات مفرطة في أسعار الصرف ومع خسارة مدخراتهم. كان من الممكن أن يتقبل الناس مرونة سعر الصرف لو اتخذ صانعو السياسات تدابير للتخفيف من آثاره السلبية ولو صرّح المسؤولون أيضًا بوضوح لماذا تعتبرالمرونة فرصة لتحقيق المكاسب في المستقبل القريب. أما البديل فهو الحفاظ على عملة قوية تحافظ على القيمة الحقيقية لمدخرات الناس، ولكن كلفتها عالية، وهي سنوات من الركود الاقتصادي بدون فرص عمل وغياب للمدخرات الجديدة.(9)
 
حماية الأسر المعيشية والشركات
توجد طرق لحماية الأسر المعيشية والشركات من التقلبات المفرطة في أسعار الصرف. عندما تقف الأسر المعيشية في الصف للحصول على الدولار، فهي ليست تبحث عن الدولار في حد ذاته، بل تبحث عن أصول آمنة تحافظ على قدرتها الشرائية. ولتلبية هذا الطلب، يمكن للمصارف وصناديق الادخار أن تقدم أصولاً مالية جديدة مثل "حساب التوفير المحمي من التضخم" حيث يرتبط معدل العائد مباشرة بالتضخم، كما حصل في أماكن أخرى. يجب تصميم هذه الحسابات لأغراض التوفير فقط على أن تخضع لقيود.(10)  ولحماية شركات الأعمال بشكل أفضل، يمكن انشاء "سوق صرف أجنبي آجل" يسمح لها بالتأمين ضد مخاطر العملات ودعم معاملات التجارة الخارجية. إنّ سعر الصرف الآجل هو سعر صرف متفق عليه اليوم للتسليم في المستقبل. لذلك، سينخفض ​​الطلب على الدولار اليوم عندما تتمكن الشركات من تغطية العمليات المفتوحة بالعملات الأجنبية في السوق الآجلة. صحيح أنه لن يتمّ القضاء على تقلبات أسعار الصرف، لكن ارتباطها بالاقتصاد الحقيقي سيكون أقل، ومع الوقت ستسود المضاربات المستقرة ضمن نظام مرن، ولو بشروط محدّدة.(11)  وعلى النقيض من ذلك، فإن المضاربة تزعزع الاستقرار عندما تتعدّد أسعار الصرف شبه الثابتة بسبب وجود شيء من الحركة في رأس المال، حيث يحاول الناس الإستفادة من الفروق بين أسعارالصرف المتفاوتة.
 
إن إدراج هذه التدابير على سلم الأولويات السياسية يساعد على التصدّي لعائقين رئيسيين تصطدم بهما الشركات اللبنانية بناءً على أحدث استطلاع للبنك الدولي للفترة 2019-2020 ،(12)  حيث أفاد 36.9٪ من المستطلعين بأن عدم الاستقرار السياسي هو العائق الأكبر، بينما أفاد 28.7٪ منهم بأن الوصول إلى التمويل هو العائق. في حين أن عدم الاستقرار السياسي واسع النطاق، فإنّ جزءاً منه ينعكس على الآثار السلبية لعدم استقرار أسعار الصرف وعدم التيقن للسياسات على المعاملات التجارية. وللحد من عدم الاستقرار ومن حالة عدم التيقن، يجب على الحكومة اختيار خدمة عامة أو أكثر ذات أولوية عالية وتحسينها، وإذا تابعت وحققت نتائج عادلة، ستكسب ثقة مواطنيها، وترسّخ بالتالي استقرار توقعات أسعار الصرف.
 
وخلاصة القول إن الانتعاش القائم على التصدير أمر أساسي للنمو. علاوة على ذلك، سيكون الاستقرار نتيجة ثانوية طبيعية لسياسة سليمة تحقق النمو. هذا ما سيضمن استقرار الأسعار الدائم ويخفّف من تقلّب أسعار الصرف.
 

__________________________ 
1. انظر التحليل الأخير الخاص بالمركز اللبناني للدراسات والذي أجراه كريم ضاهر حول إصلاح النظام الضريبي، وجيسيكا عبيد حول إصلاح الكهرباء، إلى جانب تحاليل أخرى.

2. في هذا المقال وفي مقال سابق، أصف كيف للسيولة الخارجية، في حالة لبنان، أن تحل محل دور البنك المركزي بصفته دائن الملاذ الأخير للمصارف لأنه لا يستطيع طباعة الدولار.

3. على سبيل المثال، انخفضت نسبة ديون اليونان بنسبة 20٪ في وقت إعادة هيكلة ديونها في عام 2012، إلا أنها ساءت في العام التالي لتصل إلى 180٪ بسبب انهيار النشاط الاقتصادي وظلت مرتفعة. انظر:
Gourinchas, PO, T. Philippon and D. Vayanos. 2017. “The Analytics of the Greek Crisis.” National Bureau of Economic Research Macroeconomics Annual 31(1), 1-81.

4. انظر على سبيل المثال:  Frankel, J. A. and D. H. Romer. 1999. “Does Trade Cause Growth?” American Economic Review, 89(3), 379-399; and Krugman, P R., M. J. Melitz, and M. Obstfeld. 2017. “International Trade: Theory and Policy".
تم التقدّم بحجة أدق – على الرغم من الاستمرار في الاعتماد على الصادرات على المدى الطويل - من أجل تأمين حماية مؤقتة للصناعات الناشئة التي قد لا تتمتع بميزة نسبية في الأسواق العالمية في البداية ولكنها تصبح أكثر إنتاجية بمرور الوقت من خلال "التعلم بالممارسة"(على سبيل المثال، انظر:
Rodriguez, F. and D. Rodrik. 2000. “Trade Policy and Growth: A Skeptic's Guide to the Cross-National Evidence.” NBER Macroeconomics Annual, 15, 261-325).
في المقابل، السياسات الصناعية البديلة للاستيراد – والتي نجحت في توسيع قطاع التصنيع والاستثمار - لم تفض بشكل عام إلى مكاسب في النمو ومستويات المعيشة. لذلك، أحذّر من الإعفاء الضريبي لمدة 10 سنوات على الاستثمارات الجديدة في الشركات الجديدة المنصوص عليها في الخطة الاقتصادية للحكومة. يمكن المطالبة بدعم الصناعات كثيفة العمالة بشكل مؤقت. هذه ليست سياسة مرغوبة عند العودة الى العمالة الكاملة، لكنها طريقة لمساعدة عملية التعافي بدون إقحام الحكومة في مسألة اختيار "الفائزين" التي تؤدي غالباً إلى ترسيخ الشركات الغيرفعالة.
لمراجعة دور التمويل، انظر: Levine, R. 2005. “Finance and Growth: Theory and Evidence.” Handbook of Economic Growth, 1, 865-934.
صحيح أن هناك مؤهلات وسببية معكوسة من النمو إلى التمويل، لكن يوجد دعم كبير للرأي القائل بأن الأنظمة المالية الأفضل تطورًا تخفف القيود المالية على الشركات وترتبط بزيادة النمو في المستقبل.

5. هذه ميزة نسبية إضافية يمتلكها لبنان في قوته العاملة الماهرة والمتعددة اللغات وموقعه الجغرافي. وفي ضوء الاضطرابات في سلاسل التوريد العالمية نتيجةً للجائحة بوجه خاص، قد تكون هذه ميزة للبلاد لتنمية قطاع التكنولوجيا المتطورة وتطوير العلاقات مع الشركات متعددة الجنسيات من خلال الاستثمار الأجنبي المباشر. الأرقام المقدمة حول صادرات لبنان من السلع والخدمات مأخوذة من أحدث قاعدة بيانات لمؤشرات التنمية العالمية (World Development Indicators database).

6. Gourinchas, Philippon and Vayanos. 2017. “The Analytics of the Greek Crisis” يبيّنون أيضاً أن أداء إيطاليا وأيرلندا والبرتغال وإسبانيا كان مشابهًا للربط الصارم للعملة، وهو أمر منطقي إذ حافظت على اليورو. اما أداء اليونان فكان الأسوأ، حيث وصل الناتج الفردي أقل بنسبة 30٪ عن مستوى  ما قبل الأزمة بحلول العام الرابع بعد بداية الأزمة المالية. ووجدت دراسة سابقة أيضًا أن وجود سعر صرف مرن يوفر حماية أفضل ضد الصدمات الحقيقية السلبية 2001..(Broda, C. 2001. “Coping with Terms-Of-Trade Shocks: Pegs Versus Floats.” American Economic Review, 91(2), 376-380).
على سبيل المثال، يؤدي تراجع بنسبة 10٪ في معدلات التبادل التجاري لبلد ما إلى انخفاض الناتج الحقيقي بنسبة 1.7٪ في متوسط الربط مقارنةً بمتوسط التعويم، حيث يحصل انخفاض أكبر في سعر الصرف الحقيقي. ومن المثير للاهتمام أن برودا يجد هذا التأثير حتى عندما يقتصر على عينة من الدول التي تعتمد على الدولار بشكل كبير.

7. انظر:Krugman, P. August 11, 2018. “Partying Like It’s 1998.” The New York Times للاطلاع على الطرق التي يمكن أن تتبعها الحكومات للوصول الى سياسة غير تقليدية قصيرة المدى ريثما تعود حركة رأس المال والسياسة التقليدية. من المهم تجنب ضوابط رأس المال التي تهزم نفسها والتي تعرقل توفير السيولة للقطاعات المنتجة.

8. تنشأ الاختناقات من عدم كفاية الخدمات العامة المقدّمة: وهي تتعلق بالبنية التحتية (الكهرباء والاتصالات والنقل والخدمات اللوجستية والشحن وحسن التوقيت)، لكنها تنشأ أيضًا عند نقاط التفاعل بين شركات الأعمال والحكومة (الفساد والرشوة والضرائب واللوائح التجارية). ويمكن لأي من هذه الاختناقات أن تشوه المجال وتعطي الأفضلية لبقاء الشركات ذات القوة السوقية، أو للعلاقات السياسية، أو الاحتياطيات النقدية العالية ولكنها ليست بالضرورة الأكثر ربحية. على سبيل المثال، تظهر الأدلة من لبنان أن النمو الإجمالي وخلق فرص العمل أقل في القطاعات التي لديها شركات ذات علاقات سياسية أكبر. تحفز الأسواق التنافسية حقًا الشركات على تقديم منتجات بأسعار أقل وجودة أعلى، مما يفيد المستهلكين أيضًا.

9. المثال الكلاسيكي هو مثال بريطانيا في عشرينيات القرن الماضي عندما قرر ونستون تشرشل العودة إلى ربط العملة بالذهب بقيمة ما قبل الحرب، معترضاً على نصيحة جون ماينارد كينز. حيث اعتبر كينز في كتابه لعام 1925، "العواقب الاقتصادية التي سبّبها السيد تشرشل"( The Economic Consequences of Mr Churchill ): "الحكم خاطئ لأننا نواجه خطرمرتفع بدون الحصول على مكافأة كافية حتى إذا سارت الأمور على ما يرام ... يبدو من الحكيم والأبسط والأسلم ترك العملة تجد مستواها لوقت أطول بقليل بدلاً من فرض حالة حيث يجد أصحاب العمل أنفسهم أمام خيار الإغلاق أو تخفيض الأجور، مهما كانت كلفة النضال". ظلت بريطانيا في حالة ركود مع ارتفاع معدل البطالة لبقية العقد بينما كان شركاؤها التجاريون ينمون. تضع هذه المناقشة جانبًا مسألة ما إذا كان بوسع البنك المركزي حتى الدفاع عن أسعار الصرف الثابتة بعد الآن.

10. على سبيل المثال، تسمح المملكة المتحدة للمصارف ولشركات البناء بتقديم ودائع محددة الأجل بمؤشرات التضخم (1-5 سنوات، وتخضع لقيود التأمين على الودائع والقيود على السحب). بعد أزمتها المالية في عام 1995، أدخلت المكسيك وحدة محاسبة وفقاً لمؤشر أسعار المستهلك، (unidad de inversión) ، وسمحت أيضًا بإعادة احتساب قروض الدولار بوحدة المحاسبة  UDI  لتخفيف العبء على المقترضين. استوعبت الحكومة تكاليف إعادة احتساب القروض بالوحدة UDI. إذا عدنا إلى مثال أزمة الديون السيادية الأوروبية، لرأينا انه من خلال الحفاظ على اليورو، احتفظ المدخرون في أيرلندا واليونان بالقدرة الشرائية لمدخراتهم الحالية - حتى مع انخفاض قيمة أجورهم وأسعارهم بالنسبة الى ألمانيا، حيث كان لا بدّ من ذلك من أجل التعديل الخارجي.

11. ستبقى أنشطة المضاربة في أسواق العملات، كما هو الحال في أي سوق للأصول. لكن لا بدّ للمضاربين العقلانيين من أن يؤثروا من ناحية تثبيت الأمور عن طريق الشراء عندما يكون سعر العملة منخفضًا والبيع عندما يكون مرتفعًا. وإلا سيخسر المضاربون المال.
تعود هذه الفكرة إلى Friedman, M. 1953. “Essays in Positive Economics”.. هناك محاذير: المضاربون غير العقلانيين، والأسواق غير السائلة، والمعلومات غير الكاملة (تجار الضوضاء)، من بين أمور أخرى. كجزء من برنامجها لإصلاح الاستقرار في عام 1995، أنشأت المكسيك سوق صرف آجل لتغطية مخاطر سعر الصرف. وقد أدى ذلك، الى جانب تنفيذ بقية برنامج إصلاح الاستقرار، إلى انخفاض التقلب في سعر صرف العملات الأجنبية، كما نوقش في:
 Krueger, A., and A. Tornell. 1999. “The Role of Bank Restructuring in Recovering from Crises: Mexico 1995-98.” (No. 7042). National Bureau of Economic Research.

12. إن تقرير البنك الدولي تم إستناداً إلى إستقصاء 532 شركة بين أيار2019 ونيسان 2020 (أكثر من نصفها كانت شركات صغيرة تضم بين 5 و19 موظفًا).
 








Copyright © 2024 by the Lebanese Center for Policy Studies, Inc. All rights reserved. Design and developed by Polypod.