November 20, 2019مرصد الحكومة رقم 8 - الحكومة لا تدرك حجم المشكلة
ما هي المسألة المطروحة؟
التظاهرات المستمرّة، أعلن رئيس الحكومة سعد الحريري في 21 تشرين الأوّل عن ورقة إصلاحيّة مؤلّفة من 25 بنداً بهدف معالجة الوضع الاقتصاديّ المترديّ. وتمحورت الورقة في الدرجة الأولى حول مكافحة الفساد وخفض الموازنة من دون فرض ضرائب جديدة على الشعب وإقامة شراكات بين القطاعين العامّ والخاصّ وإطلاق عدد من برامج الرعاية الاجتماعيّة، لكنّها لم تنجح في تهدئة المتظاهرين، ما دفع الحريري إلى الاستقالة في 29 تشرين الأوّل.
أوّلاً، لم تتطرّق الإصلاحات المطروحة إلى بعض مطالب المتظاهرين المتعلّقة بالقضايا الاجتماعيّة والاقتصاديّة والخدمات العامّة. فقد شملت الخطّة الحكوميّة برامج الرعاية الصحيّة والاجتماعيّة، لكنّها أغفلت عدداً من المشاكل الأخرى. وبحسب دراسة استقصائية أجراها المركز اللبنانيّ للدراسات بين 23 و26 تشرين الأوّل وجمع خلالها 590 مطلباً من 213 متظاهراً في ساحة رياض الصلح وساحة الشهداء، تشمل أبرز المطالبات الشعبيّة خلق فرص عمل ورفع جودة التعليم الرسميّ وتحسين خدمات البنية التحتيّة المتعلّقة بالبيئة والكهرباء والنقل والمياه.
وفي الواقع، يشدّد الشباب – الذين اضطلعوا بدور جوهريّ في التظاهرة واستمرارها – على القضايا الاجتماعيّة والاقتصاديّة بالتحديد ويطالبون أوّلاً بتوفير مزيد من فرص العمل.
وتتشابه مطالب الرجال والنساء إلى حدّ كبير، غير أن مطالب النساء تتمحور بشكل أكبر حول الخدمات الصحيّة والبيئيّة العامّة من جملة أمور أخرى، ومطالب الرجال حول تمثيل سياسي أفضل من خلال إصدار قانون انتخابيّ جديد.
يتمحور 34% من المطالب حول الخدمات العامّة أو مطالب إجتماعية-إقتصادية، لكنّ المطالب السياسيّة تأتي في المرتبة الأولى ويتعلّق 62% منها بنظام الحوكمة. ويطالب الشعب تحديداً بما يأتي: المحاسبة (32%)، عن طريق استقالة المسؤولين واستعادة الأموال المنهوبة ومحاسبة المسؤولين في الدرجة الأولى، والتمثيل السياسيّ (18%) من خلال تشكيل حكومة وإصدار قانون انتخابيّ جديد وتنظيم انتخابات مبكرة، وإلغاء النظام الطائفيّ (12%).
لماذا هذا مهم؟
لا يدرك القادة السياسيّون التقليديّون حجم انعدام الثقة لدى المواطنين. ففي ظلّ تفاقم الأزمة الاقتصاديّة، تزداد الفجوة بين أولويّات الطبقة السياسيّة ومخاوف الشعب. وخير دليل على ذلك رفض المتظاهرين الفوريّ لخطّة الإنقاذ الحكوميّة على الرغم من اشتمالها على بعض الإصلاحات الإيجابيّة.
الخلفية
تستمرّ التظاهرات في مختلف أنحاء البلاد منذ 17 تشرين الأوّل. وقد تجلّى العصيان المدنيّ بأشكال مختلفة منها التظاهرات والمسيرات والاعتصامات وقطع الطرقات والإضرابات.
وعقب استقالة الحكومة في 29 تشرين الأوّل، دخل لبنان مرحلة من الجمود السياسيّ في ظلّ تفاقم الأزمة الاقتصاديّة والماليّة. وبعد مرور شهر على بداية التظاهرات، ما زال المواطنون ينزلون إلى الشارع ويطالبون بتغييرات سياسيّة واقتصاديّة. فهل ستلقى مطالبهم أخيراً آذاناً صاغية؟